دعوة سورة الشمس لامتلاك روحانياتها (الشيخ همتار)
(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)
أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِوَاوِ وَحْدَانِيَّتِكَ أَنْ تُفِيضَ عَلَيَّ مِنْ شُمُوسِ مَعَارِفِ عِنَايَتِكَ أَنْوَارًا تُشْرِقُ فِي قَلْبِي، وَفِي عَالَمِ حِسِّي إِشْرَاقَ الشَّمْسِ فِي النَّهَارِ، يَا عَالِمَ الْأَسْرَارِ. فَقَدْ أَضْحَى الْحِجَابُ مُطْمِسًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ عُلُومِ قُدْسِكَ بِسَوَادِ الْغَفْلَةِ، فَلَمَّا أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ تَجَلِّيَاتُ مَعَارِفِ عِنَايَتِكَ ذَهَبَ غَسَقُ الْغَفْلَةِ بِأَنْوَارِهِ النُّورُ.
(وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا)
يَا مَنْ خَلَقَ الْبَدْرَ الْمُنِيرَ، أَفَاضَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَارِهِ الْمُسْتَفِيضَةِ، فَذَهَبَ بِهِ الظَّلَامُ، اكْشِفْ عَنْ عَقْلِي حِجَابَ الْغَفْلَةِ، وَرَوِّقْ الْخَوَاصَّ الْإِنْسَانِيَّةَ، لِيُضِئْ مِصْبَاحُ قَلْبِي بِبَدْرِ هِدَايَتِكَ.
(وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا)
يَا مَنْ خَلَقَ النَّهَارَ، وَصَيَّرَ الْأَعْمَالَ، وَقَدَّرَ فِيهِ عَلَى مَخْلُوقَاتِهِ الْأَقْدَارَ، وَأَفَاضَ عَلَى الْخَوَاصِّ مِنْ عِبَادِهِ الْأَسْرَارَ بِصَمَدَانِيَّةِ عِنَايَتِهِ، وَجَعَلَ أَرْوَاحَ الرُّوحَانِيَّةِ وَالْمُلُوكِ الْأَرْضِيَّةِ صَافِيَةً وَمُجِيبَةً، مَنْ تَلَاهَا بِمَعَارِفِ لَطَائِفِ بِحَارِ أَقْسَامِ دَعَوَاتِ كِتَابِهِ. أُقْسِمُ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الرَّفِيعَةِ الْمُسْتَجَابَةِ عِنْدَ السَّيِّدِ مِيطَطْرُونَ، الْمُوَكَّلِ عَلَى طِرَازِ مَعَانِي رُقُومِ الْكُرْسِيِّ، الْمُغْتَرِفِ مِنْ بُحُورِ وَاهِبِ بَدَائِعِ الْأَنْوَارِ...
(وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا)
اللَّهُمَّ أَطْلِعْ لِي قَمَرَ أَنْوَارِ جَلَالِكَ وَجَمَالِكَ عَلَى سَوَادِ أَوْزَارِي، فَيُضِيءَ سَنَاءُ الْجَمَالِ قَبِيحَ أَعْمَالِي.
(وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا)
فَبِالسَّمَاءِ الْمُرْتَفِعَةِ بِغَيْرِ عِمَادٍ، وَبِالسَّمَاءِ الْعَالِيَةِ عَلَى الْأَطْوَادِ، وَالْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ وَالسِّرِّ وَالنُّورِ الْمُجْتَمِعِ، أَنْ تَمُدَّنِي بِمَقَالِيدِ أَسْرَارِ الرُّوحَانِيَّةِ.
(وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا)
اللَّهُمَّ بِحَقِّ مَنْ سَمَا عَلَى قَرَارِ أَرْضِكَ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَنَبِيٍّ مُرْسَلٍ، وَوَلِيٍّ عَابِدٍ رَاكِعٍ وَسَاجِدٍ وَقَائِمٍ وَقَاعِدٍ، أَنْ تُسَخِّرَ لِي الْجُنُودَ الرُّوحَانِيَّةَ وَالْأَرْوَاحَ الطَّاهِرَةَ الْأَرْضِيَّةَ:
أَيْنَ مَذْهَبُ الْمُوَكَّلِ بِيَوْمِ الْأَحَدِ؟ أَقْبِلْ بِحَقِّ رُوقِيَائِيلَ وَبَدْرِكَ الشَّمْسِيِّ.
أَيْنَ مُرَّةُ الْمُوَكَّلُ بِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ أَقْبِلْ بِحَقِّ جِبْرِيلَ وَبَدْرِكَ الْقَمَرِيِّ.
أَيْنَ الْأَحْمَرُ الْمُوَكَّلُ بِيَوْمِ الثُّلَاثَاءِ؟ أَقْبِلْ بِحَقِّ سِمْسِمَائِيلَ وَبَدْرِكَ الْمِرِّيخِيِّ.
أَيْنَ بُرْقَانُ الْمُوَكَّلُ بِيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ؟ أَقْبِلْ بِحَقِّ مِيكَائِيلَ وَبَدْرِكَ الْكَاتِبِ.
أَيْنَ شَمْهُورَشُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُوَكَّلُ بِيَوْمِ الْخَمِيسِ؟ أَقْبِلْ بِحَقِّ صِرْفِيَائِيلَ وَبَدْرِكَ الْمُشْتَرِيِّ.
أَيْنَ الْأَبْيَضُ الْمُوَكَّلُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ أَقْبِلْ بِحَقِّ عَنِيَائِيلَ وَبَدْرِكَ الزُّهْرِيِّ.
أَيْنَ مَيْمُونُ الْمُوَكَّلُ بِيَوْمِ السَّبْتِ؟ أَقْبِلْ بِحَقِّ كَسْفِيَائِيلَ وَبَدْرِكَ الْمُقَاتِلِ.
أَقْبِلُوا أَيُّهَا الْمُلُوكُ الْأَرْضِيَّةُ السَّبْعَةُ وَالرُّوحَانِيَّةُ السَّبْعَةُ الْعُلْوِيَّةُ، وَافْعَلُوا كُلَّ مَا أُرِيدُهُ مِنْكُمْ، وَأَظْهِرُوا إِبْرَازَهُ مِنْ كُلِّ أَعْجُوبَةٍ.
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)
أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِأَنْفَاسِ مَلَائِكَتِكَ، وَأَنْفَاسِ أَنْبِيَائِكَ، وَكُلِّ نَفْسٍ مُطْمَئِنَّةٍ زَكِيَّةٍ مَرْضِيَّةٍ، تَسْرِي فِي عَمَلِهَا إِلَى الْحَضْرَةِ الصَّمَدَانِيَّةِ، فَتَنْظُرَ مَا فَوْقَ الْفَوْقِ وَمَا تَحْتَ التَّحْتِ، مِنَ الْعَرْشِ إِلَى الْفَرْشِ، فَتَجْتَلِي أَنْوَارَ بَصَائِرِهَا، فَتُشَاهِدَ الْمُلْكَ وَالْمَلَكُوتَ، وَتَنْطِقَ بِمَقَالَتِهَا إِلَى مَا فِي الْجَبَرُوتِ.
(فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)
اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا الصَّوَابَ فِي الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ، وَأَلْهِمْنِي بِعِلْمِكَ مَا يَزْدَادُ بِهِ قَلْبِي كَشْفًا وَقُوَّةً، حَتَّى أُشَاهِدَ مِنْكَ الْإِلْهَامَ، فَلَا يَخْفَى عَنْ بَصِيرَتِي مَا سَيَقَعُ مِنَ الْأَنْبَاءِ فِي الْأَيَّامِ، وَأَسْأَلُكَ التَّقْوَى لِنَفْسِي بِكَ، لَا طَاقَةَ لِي يَا اللهُ يَا قَوِيُّ إِلَّا بِمَا أَفَضْتَ عَلَى عَوَالِمِي مِنْ مَوَاهِبِ صُنْعِكَ، وَلَا تَجْعَلْ نَفْسِي قَبِيحَةَ الْأَفْكَارِ، وَلَا دَعْوَتِي دَعْوَةَ الْفُجَّارِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا قَرَارٌ عِنْدَكَ وَلَا صُعُودٌ.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا)
اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُفْلِحِينَ، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّلَاحِ وَالْفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ، وَأَصْلِحْ لِي الْعَوَالِمَ وَسَخِّرْهُمْ لِي، وَزَكِّ نَفْسِي بِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَرِضْوَانِكَ، وَأَسْبِلْ عَلَى سُرَادِقَاتِ أَنْوَارِكَ.
(وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)
اللَّهُمَّ إِنَّ ظُنُونَ الْقَاصِدِينَ هَلَاكِي وَمَضَرَّتِي كَثُرَتْ، فَأَهْلِكْهُمْ وَلَا تُفْلِتْهُمْ، وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ وَأَفْكَارَهُمْ.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا)
فَأَهْلُ الْكِذْبِ مَرْدُودُونَ بِطُغْيَانِهِمْ، وَمَحْرُومُونَ عَنْ مَقَامِهِمْ لَدَيْكَ، كَمَا أَنَّ الْمُلُوكَ الْأَرْضِيَّةَ وَالْعَفَارِيتَ الطَّيَّارَةَ مُعَذَّبُونَ بِأَنْوَارِ رَحْمَانِيَّتِكَ، لَمَّا خَاطَبَهُمْ قَائِدُ الرُّوحَانِيَّةِ وَتَاجُ الْجَلَالَةِ السَّيِّدُ مِيطَطْرُونَ بِمَقَالَتِهِ لَهُمْ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا إِذَا دَعَاكُمْ فُلَانٌ، وَلَا تَعْصُوا أَسْمَاءَ اللهِ وَأَقْسَامَهُ الَّتِي دَعَاكُمْ بِهَا، وَإِنْ أَبَيْتُمْ رُمِيتُمْ بِشِهَابٍ قَابِسٍ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلَا.
(إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا)
فَابْعَثِ اللَّهُمَّ رُوحَانِيَّةَ هَذِهِ الدَّعْوَةِ يَخْدِمُونِي فِي كُلِّ مَا أُرِيدُ، وَلَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ وَالضَّلَالَةِ وَالْمَعْصِيَةِ.
(فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا)
فَبِرَسُولِكَ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنَاقَتِهِ وَفَصِيلِهَا، أَنْ تُلْقِيَ عَلَيَّ سُرَادِقَاتِ رَحْمَتِكَ، فَتَخْرِقَ لِي الْحِجَابَ، فَأُشَاهِدَ عَالَمَ الرُّوحَانِيَّةِ وَالْأَسْرَارِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَنْوَارِ الرَّبَّانِيَّةِ.
(فَكَذَّبُوهَا فَعَقَرُوهَا)
فَمَنْ كَذَّبَ بِأَقْسَامِ وَآيَاتِ كِتَابِكَ، فَأَعْقِرْهُ بِالْأَرْوَاحِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ عَقْرًا.
(فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا)
وَبِاللهِ أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْزِلَ عَلَى مَنْ عَصَى هَذِهِ الدَّعْوَةَ، الَّتِي فِيهَا أَسْمَاؤُكَ وَأَقْسَامُكَ وَطَرِيقُ الْفَتْحِ مِنَ الْخَاصَّةِ مِنْ عِبَادِكَ، شَدِيدَ الْعَذَابِ وَالْعِقَابِ، وَالصَّوَاعِقَ الْخَارِجَةَ مِنْ أَبْوَابِ نِقْمَتِكَ.
(وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا)
مَنْ أَطَاعَ أَقْسَامَكَ وَدَعَوَاتِكَ، مِنَ الْأَعْوَانِ وَالْأَنْوَارِ وَجَمِيعِ جُنُودِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْوَاحِ.
((عُقْبَاهَا))